بكاء النوبه

موضوع: بكاء النوبه الخميس يوليو 08, 2010 3:55 am

قامت السيدة العجوزة ( النوبة) من مرقدها في الجنوب وبعد أن أضناها إنتظارها لأولادها وإتجهت للشمال تبحث عن أولادها فسألت ووصلت الي كوم أمبو فتهلل كوم أمبو وأحسن إستقابلها فتسائلت في دهشة و.
قالت : لماذا تستقبلني بكل هذة الفرحة.
قال : وكيف لا أفرح بقدومك وأولادك سبب إنتعاشي ففي سنين قليلة أنعشوا إقتصادي بما لم أكن أحلم به في قرون طويلة.
قالت : إذا هم في رغد من العيش؟
فتمتم كوم أمبو بكلمات غير مفهومة
قالت : أين هم؟.
قال : في نصر النوبة إستريحي ثم واصلي سيرك.
قالت : لا لن أستريح إلا عندهم وبينهم .
وشكرته وواصلت مسيرتها إلي نصر النوبة وهي في غاية السعادة ولم لا وهي أصبحت علي بعد خطوات قليلة من أبنائها .
وسعدت أكثر حين رأت الوجوه السمراء في لفيف من الشباب عند مركز الشباب فوقفت علي مقربة منهم في إنتظار أن يسارعوا إليها فتقدم منها رجُل كبير ورحب بها وطلب منها مرافقته إلي منزله وهما في طريقهما إلي منزله.
قالت : ماذا يعمل هؤلاء الشباب؟
قال : أكثرهم لا يعملون.
قالت : ومن أين لهم تلك الجلابيب الغالية والعطور الثمينة والسيجائر المستوردة .
قال : آبائهم في الغربة يكدحون.
فأومأت برأسها في أسي وواصلت مسيرتها معه الي بيته وعندما دخلا أتت البنت وسلمت علي الضيفة الكبيرة فسألتها العجوزة عن إسمها فأجابت نجلاء فسألت العجوزة من هي في بيته يا عثمان لماذا لم تسميها فاطمة أو خديجة أو سكينة أو حوشية؟ فرد عثمان الموضة يا أمنا.
وأمر إبنته بإعداد الطعام فسألت البنت تاكلي هامبورجر ولا شاورمة يا ستو؟
قالت : وأين الأسلاد والجاكود والكوودبيه.
فطلبت البنت من أبوها ترجمة فورية ولم يستطيع الأب الترجمة لفارق الثقافة بينه وبينها وذهبت وأحضرت الطعام وبعد الأكل سألت البنت السيدة العجوزة و.
قالت : تشربي بيبسي ولا فانتا ولا تاخدي نسكافيه
فردت العجوزة منزعجة و.
قالت : لماذا حتي الشاي نسيتوه؟ وأضافت وأين رقية مراتك يا عثمان .
قال : هي عند ولدها في الخليج تجلس هناك ثلاثة شهور في السنة. وسمعت العجوزة صوتا من الباب يقول لها يا مساء الفُل يا جدة وردت وعليكم السلام وسألت مين ده يا عثمان.
قال : هذا ولدي الصغير وائل.
قالت : أي صغير هذا يا عثمان وأنت في عمره كنت متزوجاً من رقية.
وأضافت أنا ذاهبة للنوم ولن أستطيع قضاء السهرة معكم علي الرملة في ضي القمر تصبحوا علي خير.
قال : وإنتي كل الخير بكره إن شاء الله حنروح السوق أنا وإنتي.
وإستيقظت العجوزة في الصباح باكراً فوجدت عثمان يتجه ناحية القبلة ليؤدي صلاة الصبح ولم تجد بجانبه لا الولد ولا البنت وبعد الصلاة قام عثمان وأحضر الشاي بالحليب مصحوباً بالقرقوش فإبتسمت العجوزة حينما رأت القرقوش . ثم بدأ عثمان الحديث و.
قال : أريد أن أشكو لكي الكثير يا أماه فالولد لا ينتظم في الصلاة وكذلك البنت حتي رقية إستقوت بعد أن سافر ولدها إلي الخليج وأصبح له دخل.
قالت : لم يكن ليحدث هذا وأنتم في أحضاني هيا بنا لنري السوق.
ثم أضافت متسائلة أين جارك إدريس .
قال : لا أدري لم أراه من ثلاثة أيام .
قالت : ألم تكونوا تتبادلون التحية كل صباح ويسأل كل منكما الآخر عن أخباره وأخبار أهل بيته؟ فماذا حدث الآن؟
قال : ولا حاجة بس المشاغل كتيرة يا أمي.
وفي الطريق ألقي كرار التحية عليهما فردت وسألته.
قالت : كييفنك يا كرار يا عبادي.
قال : الحمد لله .
قالت : وين جملك وعمامتك؟.
قال : لقد بعت الجمل وإشتريت موتوسيكل وخلعت العمامة ولبست الكاب .
قالت : وإيه أخبار ولد عمك أبوعوف؟.
قال : ربنا يشفيه سمعت أنه يعاني من جلطة.
قالت كمن تحدث نفسها في حسرة : سمعت؟ عليه العوض ومنه العوض .
ثم إلتفتت إلي عثمان و
قالت : لماذا أري تفاوتاً كبيراً بين البيوت فبيت يقارب القصر وآخر يقارع الكوخ؟
قال : هذا يمثل الفارق الإجتماعي .
قالت : لم تكن هذة الفوارق موجودة بهذة الفجوة وأنتم في أحضاني .
وعندما وصلا للسوق .
قالت : يا عثمان أين الجرجار وأين الشُقة البيضاء وما هذا الذي ترتدينه السيدات والفتيات .
قال : هذة عباءة سعر الواحدة منها بسعر عشرين جرجاراً أو شُقة بيضة .
قالت : وما هذا الجهاز الصغير في الأيادي.
قال : هذا تليفون صغير أيضاً غالي الثمن.
قالت : مع من يتكلمون في همس ؟
وعندما أومأ رأسه إلي أسفل فهمت ولكنها واصلت أسئلتها.
قالت : ماذا يفعل كل هؤلاء الشباب في السوق فلا أراهم يبيعون ولا يشترون؟
قال : ربنا يهديهم .
قالت : ويغفر لنا ولهم لكن ليه يا عثمان كل البائعين من الصعايدة وكل الزبائن نوبيين؟
قال : طالما هناك من يشقي وهناك من يبدد أجره سوف يكون النوبي هو الزبون .
وعندها طلبت من عثمان أن يُخرجها من السوق بل من المركز كله ويجعلها تعود أمسك بها عثمان وطلب منها الجلوس مع أبنائها فهم يطالبون بالعودة .
قالت : أكثرهم يطلبون العودة بحثاً عن سبوبة .
قال : لا تقولي هذا علي أولادك .
قالت : هؤلاء ليسوا أولادي إنهم يتكلمون بلغة كوم أمبو إنهم
أولاد كوم أمبو

» النوبه .... بلاد الدهب... دراسه تاريخيه ...